واليبوسيون هم سكان أورشليم الأصلييون ، وقد تكرر ذكرهم على هذا
الوضع في كتاب العهد القديم، وقد ظلوا يسكنون المدينة حتى عصر داود عليه السلام
الذي تركهم يعيشون فيها بعد فتحه لها، ولم يتمكن الإسرائيليون من طردهم من المدينة،
ففي يوشع 15: 63 يرد: "وأما اليبوسيون الساكنون في أورشليم فلم يقدر بنو يهوذا على
طردهم فسكن اليبوسيون مع بني يهوذا في أورشليم إلى هذا اليوم" وفي مكان آخر يرد:
"وبنو بنيامين لم يطردوا اليبوسيين سكان أورشليم فسكن اليبوسيون مع بني بنيامين في
أورشليم إلى هذا اليوم".وقد
ورد ذكر يبوس كاسم لأورشليم في العهد القديم :"فلم يرد الرجل أن يبيت بل قام وذهب
إلى مقابل يبوس، وهي أورشليم.. وفيما هم عند يبوس والنهار قد انحدر جدا قال الغلام
لسيده تعال نميل إلى مدينة اليبوسيين هذه ونبيت فيها، فقال له سيده لا نميل إلى
مدينة غريبة حيث ليس أحد من بني إسرائيل هنا". ويشير هذا النص إشارة واضحة وصريحة
إلى كون أورشليم مدينة يبوسية كنعانية غريبة على الإسرائيليين وليس بها أحد منهم،
وقد ورد اسم يبوس في بعض المصادر المصرية القديمة حيث أسماها الفراعنة يانيثو
يابيثي، وهو تحريف للاسم يبوس.
وكما أن التسمية أورساليم عربية كنعانية، وكذلك التسمية يبوس، فإن
الاسم صهيون الذي ورد في العهد القديم وشاع حديثا في الحركة التي أخذت اسم
الصهيونية نسبة إلى صهيون، هذا الاسم هو أيضا كنعاني أطلقه الكنعانيون على قلعتهم
الحصينة الواقعة على الرابية الجنوبية الشرقية من مدينتهم أوروساليم، فقد سميت هذه
الرابية حصن صهيون بواسطة الكنعانيين، وقد غير داود هذه التسمية وأطلق على الحصن
اسم مدينة داود، في صموئيل الثاني نقرأ: "كان دود ابن ثلاثين سنة حين ملك، وملك
أربعين سنة في حبرون ملك على يهوذا سبع سنين وستة أشهر، وفي أورشليم ملك ثلاثا
وثلاثين سنة على جميع إسرائيل ويهوذا، وذهب الملك ورجاله إلى أورشليم إلى اليبوسيين
سكان الأرض فكلموا داود قائلين لا تدخل إلى هنا ما لم تنزع العميان والعرج أي لا
يدخل داود إلى هنا، وأخذ داود حصن صهيون، وهي مدينة داود.. وأقام داود في الحصن
وسماه مدينة داود، وبنى داود مستديرا من القلعة فداخلا ويرد الاسمان "ساليم"
و"صهيون" معا في المزمور 76 مما يشير إلى ارتباطهما وقداستهما، ويلاحظ أن الاسم
ساليم ورد بحرف السين وليس بحرف الشين المعهود في الاستخدام العبري بما يشير إلى
الأصل العربي الكنعاني "الله معروف في يهوذا اسمه عظيم في إسرائيل، كانت في ساليم
مظلته ومسكنه في صهيون" كما يلاحظ أن الفعل كان مستخدم في صيغة الماضي وذلك يشير
إلى أن الحديث عن الماضي المدينة وليس عن تسميتها الحديثة في عصر داود ويلاحظ أيضا
أن صيغة ساليم كانت لا تزال مستخدمة على عهد المسيح عليه السلام، ففي إنجيل يوحنا:
"وكان يوحنا أيضا تعمد في عيني نون بقرب ساليم لأنه كان هناك مياه كثيرة".
وفي عصر داود عليه السلام سميت أورساليم أو يبوس باسم مدينة داود
ربما في محاولة العهد القديم منها الموضع لتغيير الاسم الكنعاني في أوروساليم
ويبوس، وقد وردت هذه التسمية الجديدة في مواضع عديدة في الذي يشير إلى تسمية "حصن
صهيون" بمدينة داود "وأخذ داود حصن صهيون، وهي مدينة داود... وأقام داود في الحصن
وسماه مدينة داود". وفي موضع آخر ترد ثلاثة أسماء في وقت واحد للمدينة: الاسمان
القديمان أورسليم ويبوس والاسم الجديد الذي أطلق عليه حصن صهيون: "وذهب داود وكل
إسرائيل إلى أورشليم أو يبوس وهناك اليبوسيون سكان الأرض، وقال السكان يبوس لداود
لا تدخل إلى هنا، فأخذ داود حصن صهيون هي مدينة داود... وأقام داود في الحصن لذلك
دعوة مدينة داود، وبنى المدينة حواليها من القلعة إلى ما حولها ويوآب حد سائر
المدينة"، ويبدو من هذا الوصف أن داود بنى مدينته في حصن صهيون القلعة الكنعانية
الواقعة على التل الجنوبي الشرقي من أورشليم ثم توسعت مدينة داود لتشمل المناطق
المحيطة بالقلعة، ومن الواضح أيضا أن أورشليم كمدينة تحتوي مدينة داود هذه كما يوضح
النص التالي: " حينئذ جمع سليمان شيوخ إسرائيل إلى أورشليم لإحضار تابوت عهد الرب
من مدينة داود، وهي صهيون"، ومع ذلك فقد طغى الاسم أورساليم القديم على التسمية
الجديدة "مدينة داود" والتي يفهم أنه على الرغم من أنها أطلقت على جزء من المدينة
أورساليم أصبحت فيما بعد تشير إلى أورساليم ذاتها، فمدينة أورساليم هي مدينة داود.