ويتضح من هذا أن الاسم أورشليم الذي أصبحت المدينة تعرف به من بين
أسماء متعددة اسم عربي كنعاني، وليس اسما عبريا كما يتبادر إلى الذهن، فقد تم تداول
هذا الاسم منذ بداية الألف الثاني قبل الميلاد قبل أن يظهر العبريون، وقبل أن تعرف
اللغة العبرية في التاريخ، فالكلمة عربية كنعانية ويشير الدكتور أحمد سوستة إلى
ضرورة الاعتزاز بهذه التسمية فهي ليست تسمية يهودية كما يدعي اليهود، وقد أورد شعرا
جاهليا للأعشى قيس استخدم فيه التسمية أوريشليم، وفي هذا يقول د. حسن ظاظا :"اسم
أورشليم ليس عبريا أصيلا، فقد كانت تحمل هذا الاسم قبل دخول العبريين إليها بشهادة
نص تل العمارنة، وبدليل أن اليهود وجدوا صعوبة في كتابة اسمها باللغة العبرية
"يروشالايم" فهذه الياء الواقعة قبل الميم الأخيرة لم تكن تثبت في الكتابة العبرية،
وقد كتبت بدونها في أسفار العهد القديم 606 مرة وكتبت بها ست مرات فقط، ولذلك نص
علماء التلمود على وجوب كتابتها بلا ياء (التوسفتا، كتاب الصوم تعنيت16/5)".
وهناك اتفاق بين العلماء على أن الجزء الأخير من التسمية وهو ساليم
وشاليم أو شلم في بعض النصوص هو اسم لإله كنعاني قديم معناه السلام أو السلامة، أي
إله السلام أو إله السلامة، وأن المدينة كانت مكرسة لعبادة إله السلام، قبل وصول
العبريين إليها، وقد اختلف في تفسير معنى الجزء الأول من التسمية فقد ترجمت أور
بمعنى موضع أو مدينة، فيصبح الاسم مركب "أورشسالم" بمعنى مدينة السلام، أو موضع
عبادة إله السلام كما فسرت بمعنى ميراث، فيصبح المعنى ميراث السلام.
وقد نسب اليهود إلى إبراهيم تسميتها "يرأه" بمعنى الخوف، بينما
سماها نوح عليه السلام شليم بمعنى السلام فنحتوا تسمية مركبة "يرأة شلم" بمعنى
الخوف والسلام، وهناك رأي آخر يرى أن يرو تعني إله واسم المدينة إله السلام.
وقد سميت المدينة بعدة أسماء أخرى من بينها الاسم القديم يبوس نسبة
إلى اليبوسيين وهم جماعة أو قبيلة من قبائل الكنعانيين، وقد ورد ذكر اليبوسي في
التوراة على أنه من ولد كنعان الذي اعتبرته التوراة ابنا لحام بن سام، وهي نسبة
خاطئة لم يقبلها معظم الباحثين، وفي هذا يقول النص التوراتي: "وبنو رحام كوش
ومضرايم وفوط وكنعان.. وكنعان ولد صيدون بكره وحثا واليبوسي والأموري والجرجاشي
والحوي والعرقي والسيني والاوروادي والصماري والحماتي، وبعد ذلك تفرقت قبائل
الكنعاني وكانت تخوم الكنعاني من صيدون حينما تجيء نحو جرار إلى غزة وحينما تجيء
نحو سدوم وعمورة وأدامة وصبوييم إلى لاشع".